( قصه واقعيه )العَودة..لنُقطةِ البِداية !

[ العودة..لنقــطة البداية ! ]
وها قد بدأ عام دراسي جديد..وممل !..
لتويّ دخلتُ الأولى من الثانوية , هذه السنة , ومعها بدأت مرحلة جديدة في حياتي , الخاصة أو العامة .
حسناً , في الواقع أنا لستُ من النوع الخجول , ولستُ من النوع المتردد كذلك , لكن يبدو لي أنني أصبحتُ هكذا عندما قدمتُ هنا..
انتظرو لحظة ! , لا تعتقدو أن هذا الخجل أو التردد ناجم على دخولي لمدرسة جديد ؟! , لعلمكم فقط فقد دخلتُ قبل هذا لسبع مدراس ! , سواء خاصة أو عامة , لذلك هذا الأمر
روتينيّ جداً بالنسبة لي..
لكن فقط , لأنني تأخرتُ عن المدرسة لأسبوع على الأقل , لذلك , أشعر أني متأخرة بعض الشيء و..لافتةٌ للنظر , ربما ! .
وأما عن بدايتي , فأنتم تعلمون كيف هي طباعي وشخصيتي , صحيح ؟ , فقد تعرّفتم علىّ قليلاً في قصتي [ الوحدة هي رفيقتي ] .
فتاة منزويةٌ على نفسها لا تختلط بالبقية , تحب الهدوء وتكره الإزعاج , صامتة معضم الوقت ولاتتكلم سوى في الضرورة , أعلم أن شخصيتي تبدو سالبة الشحنة , لكن..ماذا أفعل إذا كنتُ هكذا ؟ .
وفي الحقيقة , مدرستي هذه هي مدرسة للفتيات فقط , آه نعم قد تقولون الأن بأن هذا جيد , بل ممتاز ! , ولكن للأسف هذا سيء , بل وسيء جداً !!..
عندما أقول بأن الفتيات هن [ التجسيد لمعنى كلمة الإزعاج ] فأنا أعني هذا حقاً !
أصاب بصداعٍ نصفي بسبب فتيات فصلي , وبسبب صوت ثلاثة منهم تحديداً , لا أعلم كيف أصف هذا ولكنه أشبه بـ...نعيق الحمار مثلاً ؟ , لا لا تعيق الحمار جميلٌ جداً بالمقارنة بهن !..
حقيقةً بدأتُ أخذ معي علبة مسكنٍ للألم وقارورة ماء في الآونة الأخير , ولا تسألوا لماذا ؟ .
وبسبب هذا وذاك , بدأتُ بالابتعاد تدريجياً عن الفتيات , هنالك من حاولت التقرّب مني أو حتى التعرّف علىّ , غير أنني أكون رسمية معها أكثر من اللازم .
وهذه حالي للأربع الأسابيع الأولى من الترم الأول , ولكن...
بقاء الحال من المحال كما نعلم !!..
فبعد ذلك بقليل , بدأت أنجذب لفتاتين من تلميذات الفصل , توأم في الواقع , وهما [ ندى ونادين ] .
لا أعلم بالفعل ما جذبني لهما , هل لأنهما التؤام الوحيد في المدرسة ؟ , أم بسبب طباعهما اللطيفة , أم بسبب عدم تفريقي بينهما ؟ , الله وحده يعلم ! .
ولكن مع الوقت , بدأت أعتاد عليهما , أذهب معهما في فترات الاستراحة , وأتحدث إليهما في الفصل إذا ما كانت الحصة فارغة , أتقرب منهما أكثر فأكثر في كل يوم يمر أراهما فيــه .
في بعض الأوقات أفكر ملياً في الأمر , كنتُ دائماً أدعوا في صلاتي أن أصَاحب بنات ذا أخلاق حسنة في المدرسة , لم أكن أريد مصادقة منحطّات كما سبق وفعلت !! , وقد استجاب ربّي لدعواتي .
أحمد الله وأشكره على هذه النعمة التي أنعم بها علىّ .
وأتت اللحظة الحاسمة المنتظرة ! , تبــادل أرقام الهواتف .
نعم لا تتطلعوا إلىّ هكذا ؟! , فـ رقم هاتفي شيء مقدّس لديّ , ولا أسلّمه لأحد بتلك السهولة , حتى أن خالتي لا تعرفة !! , أرأيتم لأي درجة أنا محاظةٌ عليه ؟ .
بعد أن تم الأمر , بدأ شيء ما يتسلل لصدري ببطء شديد...شديدٍ جداً !!.
فقد كنتُ دائماً ما أكون الطرف الذي يتصل , ويطمئن على الأحوال , أما ندى , فلم تتصل بي , ولو لمرة واحدة !..
هل تتسألون عن نادين ؟ , إنها لا تستطيع الاتصال بي ببساطة !..
لقد نسيت أن أذكر لكم أمراً مهماً..
وهو أن التوأمتان لا تعيشان مع بعضهما ! , نعم هذا صحيح , فـ ندى تعيش في بيتها , ولكن نادين تعيش في بيت جدها ! , لأن خالتها من طلبت أن تعيش معها , لشدة حبها لها وتعلّقها بها..!
أي أنها الأن تعيش مع خالتها وخوالها , الذي [ كما أتذكر ] أن اثنين منهم يدرسان الجامعة حالياً , فخوالها صغار في السن !..
المشكلة أنهم [ أي خوالها ] لا يتقبّلون أن يكون لديها هاتف محمول , هذا الأمر مستبعد تماماً من بالهم , لذلك هي لا يمكنها الإتصال بي , لكنها تحمل رقم هاتفي للحيطة..
هل سمعتم يا جماعة بفتاتان توأم يعيشان منفصلتان منذ الطفولة ؟ , بالنسبة لي لم أصدق الأمر في بادئ الأمر , لأن هذه القصة أشبة برواية خيالية..
لذلك , فإن ندى هي التي أتواصل معها أكثر , وأسأل عن أحوال نادين من خلالها..
ولكن...
المسافة بيني وبين ندى وربما نادين كذلك بدأت تتباعد وترسم خطوطها الأحمراء بيننا , ولأستبعد نادين [ مؤقتاً ] لأنها لازالت تهتم لأمري وتسأل عني
وتتحدث معي في المدرسة [ قليلاً على الأرجح ]..
ولكن ندى , شعرتُ بأنها أو أنهما معاَ تبتعدان عني شيئاً فشيئاً , وتنزلقان من بين يدي كـ صابون تماماً..
وأصبحتا تتبّعان فتاتان من فصل آخر , وتتركاني لوحدي فقط..
المشكلة ليست هنا , بل في الحقيقة بهاذين الفتاتين , تصرّفاتهما لا تعجباني بالمرّة , ولا حتى أحادثهما التي لا تبدو لائقة للفتيات أجمع .
الكارثة الكبرى أن ندى ونادين تأخذان الأمر على محمل المزاح ! , هما لا تعلمان حقاً بأن الأمور قد تنقلب لاحقاً وتصبحان مثلهما [ وهذا ما أخشاه أنا ] !!..
عندما أخبرتُ أختي بهذا الموضوع , قالت لي بأنني أغار لا أكثر .
حينها بدأتُ أفكر جدياً في الأمر .
أنا لا بأس لي حقاً بأن تصادقا فتيات غيّري , لأنني سأكون أنانية إن حرمتهما من الأخريات , لكن ما لا أسمح به هو أن تصادق أخريات [ غير محترمات ] إن صح التعبيــر .
هذا ما يفوق طاقتي للأسف , والكارثة الكبرى الأن أنهما بدأتا تتجاهلاني !!..
نادين لا تحدّثي بتاتاً [ بداية من الأسبوع الماضي ] وندى لم تتصل بي قط , وحتى الأن لم ترّن علىّ حتى [ رنّة ] فقط لتنبهني بأنها تهتم بي حقاً..!!
في الاستراحة , لم تعودا تتمشيان معي , ولم تدعواني للجلوس معهما حتى للإفطار سوياً , أغلب أو كل أوقاتهما بالأصح يذهب مع تلكما الفتاتان ! , الأمر بدأ يفوق تصوّراتي بالفعل..
حينها فقط تيقّنت , لقد تخلّتا عنّي , وعن صداقتي , وعن ثقتي التي منحتها إياهما , ولم أمنحها لغيّرهما !..
لقد دمّرتا كل شيء جميل عشناه معاً , مع أن مدة تعارفنا لم تتجاوز شهرين بعد !..
لم تعودا تلقيان تحية الصباح علىّ , بل الأمر الذي أدى بي لحافة الجنون أنهما تمرّان بجانبي [ في الصباح الباكر ] وقد تريانني من بعيد لكنهما لا تلقيان التحية , أو تبتسمان حتى..!.
...........................
في يوم الخميس الماضي [ الموافق 26 \ 3 \ 2014 ] , حملتُ أدواتي المدرسية وكتبي ووضعتها في حقيبتي , خرجتُ من فصلي وتوجهتُ لبوابة المدرسة رأساً , فأخي ينتظرني بالخارج
ولا يجب علىّ التأخر عنه كثيراً , فهو يكره التأخير ! .
ولكن صوت أحدهم ينادي بـ اسمي , شلّ حركتي تماماً وجعلني متصلّبة في مكاني , فلم يكن ذلك الـ [ الأحد ] غير ندى , فـ نادين عادت للمنزل مع خالتها التي أتت لإصحابها باكراً..
وقفت أمامي ونظرت نحوي بنظرات مرحة وهي تقول : ماذا بكِ يا فتاة ؟ , لم تعودي تهتمي لنا , ولم تتصلي بي منذ أسبوع !!..
وبدل أن تتسع عيناي دهشةً بكلامها اتسعت ابتسامتي سخريةً من خزبعلاتها ! , آوه هل حقاً هي جادة بما تقول ؟ .
هل أنا التي لم أتصل بها ولو مرة ؟ , هل أنا من تركتها خلفي ولم أهتم ؟ , هل أن من تعلّقتُ بفتيات السوء وتجاهلتها ؟ , هل أنا التي لم تعد تُلقي تحية الصباح ولم أسلّم عليها ؟ ,
هل أنا من تقيم حفلات صغيرة كل يوم ولم أدعوها لها ؟ , هل أنا من دمّـــر كل جميل ولطيف في صداقتنا هذه ؟ , صداقتنا التي لم ولن تدون للأسف ؟ !! .
أملتُ رأسي بإستهزاء واضح مردفّة : آوه حقاً ما تقولين ؟..
ثم اعتدلتُ جيداً في وقفتي , وقد اتخذ الجمود والبرود مكاناً في تقاسيم وجهي , قائلة بنبرة باردة نوعاً ما : انظري إلى من قطع خيط الصداقة , بعدها يمكنكِ مُعاتبتي على عدم اهتمامي بكِ..
وشيءٌ آخر..
أكملتُ ببطء شديد وكأنني أريد منها استيعاب كلامي جيداً : من يتغيّر علىّ , اطرده من رأسي , وحينها سأتصرف معه كأنني [ ألتقيه لأول مرة ] , فهمتِ كيف ؟
كادت تتكلم ولكنني تجاهلتها ومضيتُ في طريقي لخارج المدرسة .
لا أريد من أحدكم أن يقول لي " أنني أضخم الموضوع أكثر من اللازم " , فلو كنتُ يا عزيزي القارئ في مكاني ومررتَ بما مررتُ به لفعلتَ الشيء ذاته..
حتى مع كونهِ مؤلماً لحدٍ ما !!..
ابتسمتُ بكامل السخرية عندما خرجتُ من المدرسة , بعد أن أقنعتُ نفسي بأنني حظيتُ بما تمنّيتُ أخيراً..
عدتُ لنقطة البداية من جديد , [ الوحــدة ] !!.
.........
[ تمـــت بحمد الله ]