بكى في المقبرة

بكى في المقبرة


الاستاذ : محمد واصلي


في أحد الأيام طلب مني أحد الأخوة الذهاب معه الى المنزل لتناول القهوه وأنه يريد ان يسألني بعض الأسئله .

توجهنا سويا وفي المنزل بدئنا نتبادل أطراف الحديث وبدا يسألني بعض الأسئله عن الخشوع في الصلاة وغيرها .ثم أستأذنت لأنني أريد الذهاب لحضور درس في أحد المساجد فطلب مرافقتي فرحبت به .

ركبنا سويا وأنطلقنا الى المكان المذكور ثم بداء يخبرني ببعض الأمور ولو لا أنه طلب مني أن يكون سراً لذكرت كل ما قال أو جله .ومجمل ما حكاه أنه شكى ذنوباً ومعاصي قد أزلفها في سنوات مضت يريد التوبة منها فكنت أستمع اليه وتركت له المجال ليقول كل ما أراد .

أقتربنا من المسجد ولم يكمل حديثه ، صلينا المغرب ثم حضرنا الدرس وبعد الانتهاء من الدرس توجهنا ألى الحرم لأداء صلاة العشاء .

التقينا بعد الصلاة وتوجهنا الى المنزل وفي الطريق أخذ بإكمال حديثه الذي أنقطع بنا قبل صلاة المغرب واصل حديثه مع هم وحزن يبدو عليه أثناء حديثه وانا أستمع اليه وكان يقول لي أثناء حديثه انك ستقول عني كذا وكذا وأنك سوف تنفر مني فقلت له لا أكمل فكلي أذان صاغيه إليك .

وفي الطريق توقفت بجوار المقبره ، وفي نهاية حديثه قال لي أنا أريد التوبه أريد التخلص مما أنا فيه .

أخذت أذكره وأحدثه عن التوبه و بعض أحاديث التوبة فقال لي انا لست جاهلاً أريد حلاً سريعاً وكان يزفر هماً وكمدا هذا ما بدا لي والله اعلم بالبواطن .

ولما رأيته كذلك جاء في بالي فكرة وفقني الله اليها وهي المقبرة وقلت في نفسي كفى بها موعظه .

فوقفت أمام المقبره فقال لي هذه المقبره ماذا تريد فقلت له تعرف الأن .

سنذهب اليها ، قال لماذا ؟

قلت ندخل بسرعه ونرجع وفي الحقيقه أنا لا أدخلها مساءً فهي مخيفه حقاً والموت يكرهه كل منا حتى المؤمن وقد جاء ذلك في حديث قدسي صحيح .فتردد ثم قلت له تشجع ولندخل سوياً وكان الباب مغلقاً ، فطلبنا من الحارس فتح الباب فوافق وقال لكن بسرعه .

فدخلنا بالسيارة وتوجهنا إلى جهة القبور .

فإذا بنا نرى بيوتاً ساكنه خافته مخيفه ، ترجلنا من السيارة وأقتربنا منها أي القبور وكنت أذكره ونحن نمشي ويده بيدي ولما أقتربنا من القبور قال لي انا أحس بأني ... ولم أذكر ما قال ثم أنفجر باكياً وسقط على ركبتيه وأخذ ينادي يا رب يا رب وأرتفع صوته وكنت أقول له أبكي نعم أبكي فلعل هذا يكون موعظة لك ومدخلاً لك إلى التوبة الصادقه ثم أخذ يدعو ويصيح وأقتربت انا من القبور أكثر ورأيت حفرتين متجاورتين لمن سيأتي من الأموات والله المستعان وعدت إليه وكان قريباً مني وحاولت أن أخذه إلى الحفرة لكنه لم يطاوعني وهو لا يزال يبكي ثم سقط على وجهه وهو يبكي ثم أخذته وقد سالت دموعه على خده وأحمرت عيناه من شدة البكاء ، ومشيت معه وأخذت أذكره وأقول له أن هذه المقابر موعظة عظيمه لمن أسرف على نفسه بالذنوب وأما التوبه فمفتوح بابها فلتصدق في التوبة ولتفارق ما كنت عليه من المعاصي .فقال لي أعاهدك أن لا أعود لذلك إلى أخر ما قال .

ثم توجهنا إلى باب المقبره وأفترقنا .وكان ذلك أخر عهدي به .

أسأل الله عز وجل لي وله ولجميع المسلمين الثبات على هذا الدين .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين